آخر الأخبار

نجيب الريحاني: الضاحك الباكي

كتب . يوسف أبو النجا

نجيب الريحاني، أحد أبرز أعلام الكوميديا و التمثيل في مصر والعالم العربي، لقب بـ”الضاحك الباكي” لأنه أضحك أجيالًا بمسرحياته و أفلامه، لكنه حمل في حياته الشخصية الكثير من المعاناة التي انعكست على شخصيته وأعماله.

حياته و نشأته

وُلد نجيب إلياس ريحانة في الأول من يناير عام 1889 في حي باب الشعرية بالقاهرة لأب عراقي وأم مصرية. نشأ في بيئة متواضعة، و التحق بمدرسة الفرير التي ساهمت في تشكيل شخصيته الثقافية. بدأت حياته المهنية موظفًا في أحد البنوك، لكنه لم يجد شغفه هناك، فترك الوظيفة ليلاحق حلمه الفني.

مشواره الفني

بدأ الريحاني مشواره الفني مع فرقة “عزيز عيد”، وكون لاحقًا فرقته المسرحية الخاصة التي أصبحت واحدة من أبرز الفرق المسرحية في مصر. تأثر بالفن المسرحي العالمي و استلهم من المسرح الفرنسي، مما ساعده على تطوير أسلوب جديد في الكوميديا.

تميزت أعماله بالمزج بين النقد الاجتماعي والكوميديا، حيث سلط الضوء على قضايا الفقر، الطبقية، والفساد بطريقة ساخرة. من أبرز مسرحياته:

“كشكش بيه”: شخصية خيالية قدمها الريحاني لتعكس حياة البسطاء.

“الدنيا على كف عفريت” و**”إلا خمسة”**: مسرحيات تناولت تناقضات المجتمع بأسلوب لاذع ومؤثر.

انتقل إلى السينما في الثلاثينيات، وقدم أفلامًا تركت بصمة لا تُنسى ، مثل:

“سلامة في خير”: قصة الموظف البسيط الذي يواجه العالم من حوله ببراءة كوميدية.

“سي عمر”: فيلم كوميدي يناقش الفروق الطبقية في المجتمع.

“غزل البنات”: آخر أفلامه، الذي شاركه فيه محمد عبد الوهاب وليلى مراد، ويعد من كلاسيكيات السينما العربية.

بصمته في التاريخ الفني

تميز الريحاني بأسلوبه الخاص في تقديم الكوميديا التي تجمع بين الضحك والرسائل العميقة. عبر عن هموم الناس و آمالهم بطريقة جعلت أعماله خالدة حتى اليوم. كما كان له الفضل في تقديم الموهوبين مثل بديع خيري الذي تعاون معه في كتابة المسرحيات، وأنور وجدي الذي أصبح من رواد السينما.

الجانب الإنساني

رغم شهرته ونجاحه، عاش الريحاني حياة مليئة بالصراعات الشخصية. تزوج لفترة قصيرة من الفنانة الألمانية “لوسي دي فرناي”، وعانى من الوحدة في سنواته الأخيرة. وافته المنية في 8 يونيو 1949 أثناء تصوير فيلم “غزل البنات”، ليترك وراءه إرثًا فنيًا لا يُنسى.

إرث الريحاني

نجيب الريحاني لم يكن مجرد فنان، بل كان مدرسة في فن التمثيل والكوميديا. أعماله لا تزال تُدرس و تُعرض، وشخصيته تجسد الفنان الذي يضحك العالم رغم آلامه. لقد أضاء المسرح والسينما بروحه، وبقي “الضاحك الباكي” عنوانًا للبهجة و التأمل.