وحيد حامد: أسطورة السيناريو في ذكرى رحيله
كتب .يوسف أبو النجا
يُعتبر وحيد حامد واحدًا من أبرز وألمع كتاب السيناريو في تاريخ السينما والدراما المصرية. برحيله في الثاني من يناير 2021، فقدت الساحة الفنية قامة استثنائية أثرت الحياة الثقافية والفنية بأعمال لا تُنسى. في ذكرى رحيله، نسترجع محطات حياته ومسيرته الفنية الملهمة التي صنعت منه رمزًا خالدًا للإبداع.
ولد وحيد حامد في 1 يوليو 1944 في محافظة الشرقية، مصر. كان شغفه بالكتابة واضحًا منذ صغره، حيث تأثر بالبيئة الريفية البسيطة التي عايشها، والتي شكّلت جزءًا كبيرًا من أفكاره لاحقًا. انتقل إلى القاهرة لاستكمال دراسته الجامعية في كلية الآداب قسم الاجتماع، وهناك بدأ مسيرته الأدبية بكتابة القصة القصيرة والمسرحيات.
اقتحام عالم السينما والتلفزيون
بدأ وحيد حامد مسيرته الفنية ككاتب سيناريو في سبعينيات القرن الماضي، وكان فيلم “طائر الليل الحزين” (1977)، من إخراج يحيى العلمي، أولى خطواته نحو المجد. سرعان ما لفت الأنظار بقدرته الفريدة على المزج بين الواقعية الاجتماعية والدراما المثيرة، ما جعله أحد الكتاب المفضلين للمخرجين الكبار.
الواقعية والجُرأة في طرح القضايا
تميزت أعمال وحيد حامد بجرأتها في تناول القضايا السياسية والاجتماعية الحساسة. لم يكن يخشى الاقتراب من التابوهات أو كشف المستور، بل كان يرى أن الفن رسالة تستدعي المواجهة والصدق. هذا النهج ظهر جليًا في أفلام مثل:
“البريء” (1986): كشف الفساد السياسي واستغلال السلطة.
“الإرهاب والكباب” (1992): تناول الضغوط الاجتماعية والاقتصادية بطريقة كوميدية سوداء.
“طيور الظلام” (1995): استعراض الصراع بين التيارات السياسية المختلفة
الشراكة مع عمالقة الفن
شكّل وحيد حامد ثنائيات ناجحة مع عدد من أبرز المخرجين مثل شريف عرفة، عاطف الطيب، وعلي بدرخان. كما جمعته علاقة فنية مميزة مع النجم عادل إمام، حيث تعاونا في العديد من الأعمال التي تُعتبر علامات بارزة في السينما المصرية، مثل “اللعب مع الكبار”، “المنسي”، و”النوم في العسل”.
إسهاماته في الدراما التلفزيونية
لم يقتصر إبداع وحيد حامد على السينما، بل قدم أعمالًا درامية خالدة، منها:
“الجماعة” (2010، 2017): تناول تاريخ جماعة الإخوان المسلمين بطريقة موثقة وجريئة.
“العائلة” (1994): ناقش مخاطر التطرف الديني وتأثيره على المجتمع.
الجوائز والتكريم
حصل وحيد حامد على العديد من الجوائز المحلية والدولية تكريمًا لإبداعه، منها جائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 2008. وفي مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2020، كُرّم بجائزة الهرم الذهبي لإنجاز العمر، ليكون هذا التكريم بمثابة وداع يليق بمسيرته الثرية.
الرحيل والإرث الفني
رحل وحيد حامد عن عالمنا تاركًا إرثًا فنيًا لا يُقدّر بثمن. بقيت أعماله شاهدًا على قلمه الحر وأفكاره الجريئة التي أثرت في أجيال من الكتاب والمشاهدين. لقد كان كاتبًا يعرف كيف يُضيء الزوايا المظلمة، وكيف يجعل الفن وسيلة للتغيير.
في ذكرى وحيد حامد، نستذكر عبقريته التي جمعت بين الجرأة والإبداع، وبين الترفيه والتأمل. سيبقى اسمه منقوشًا في تاريخ الفن المصري، كواحد من أعظم الحالمين الذين أعطوا السينما المصرية روحها وعمقها.