آخر الأخبار

هل سوء الظن من حسن الفطن؟

كتب ..يوسف أبو النجا 

هل سوء الظن من حسن الفطن؟

و السوأل يحمل بُعدًا فلسفيًا عميقًا، إذ يربط بين صفتين تبدوان متناقضتين: سوء الظن، الذي قد يُنظر إليه على أنه سلوك سلبي، وحسن الفطن، الذي يُعتبر من صفات الذكاء والبصيرة. هل يمكن أن يكون سوء الظن مظهرًا من مظاهر الفطنة؟

وهنا أجيب على نفسي

الفطنة وسوء الظن: أين يلتقيان.

الفطنة تعني الذكاء والقدرة على التمييز بين الأمور، وهي صفة محمودة تجعل الإنسان واعيًا لما يدور حوله. أما سوء الظن، فهو الميل إلى الشك وتوقع السوء من الآخرين. الظن السيئ قد يكون في بعض الحالات نتيجة لتجربة أو ملاحظة دقيقة، مما يجعله أقرب إلى الحذر الذي ينبع من الفطنة.

في الحياة الواقعية، الشخص الفطن يُجيد قراءة المواقف والوجوه، مما يجعله قادرًا على توقع النوايا. وفي بعض الأحيان، قد يبدو ظنّه السيئ مبررًا، لأنه بني على إشارات أو خبرات سابقة. لكن هذا لا يعني أن كل سوء ظن هو علامة على الفطنة.

متى يكون سوء الظن من حسن الفطن؟

1. في قراءة الإشارات: عندما تظهر دلائل واضحة على أن الأمور ليست كما تبدو، يكون سوء الظن انعكاسًا للفطنة. مثلًا، إذا لاحظت تناقضًا في كلام شخص ما أو وجود نية خفية وراء تصرفاته، فإن الفطنة تدفعك إلى الحذر منه.

2. في اتخاذ القرارات: الفطن لا يمنح الثقة بسهولة، لأنه يدرك أن الثقة تُبنى عبر اختبارات، وليس عبر الكلمات فقط. سوء الظن هنا يصبح وسيلة للحماية، وليس مجرد شك عبثي.

3. في العلاقات الحساسة: أحيانًا، حماية النفس من الاستغلال أو الأذى يتطلب سوء ظن مدروس، وهو ما يُظهر فطنة الشخص ووعيه.

متى لا يكون سوء الظن فطنة؟

رغم ذلك، يجب الحذر من أن يتحول سوء الظن إلى صفة دائمة أو عشوائية، لأن ذلك:

يدمر العلاقات: إذا أصبح سوء الظن أسلوب حياة، فإنه يؤدي إلى انعدام الثقة ويفسد الروابط الإنسانية.

يؤذي النفس: الشخص الذي يسيء الظن باستمرار يعيش في دائرة من القلق وعدم الراحة.

يُظهِر الضعف بدلًا من الفطنة: الفطنة تعتمد على دلائل وحكمة، أما سوء الظن المبالغ فيه فيعكس انعدام الثقة بالنفس أو ضعفًا في القدرة على قراءة المواقف.

خلاصة القول

يمكن أن يكون سوء الظن جزءًا من حسن الفطن إذا كان مبنيًا على دلائل وعقلانية، واستخدم كوسيلة للحذر في مواضع تستدعي ذلك. لكن إذا تحول إلى حالة دائمة من الشك المفرط، فإنه يفقد معناه ويتحول إلى آفة تضعف صاحبه بدلًا من أن تحميه.

التوازن إذن هو المفتاح: كن فطنًا بحسن الظن، و حذرًا دون إساءة ظن.