أمريكا تحتضر: سياسات لا معقولة ومؤشرات الإنهيار.
كتب .يوسف أبو النجا
على مدار العقود الماضية، ظلت الولايات المتحدة تمثل القوة العظمى الأولى في العالم، لكن مؤشرات التراجع أصبحت واضحة، ليس فقط في الاقتصاد أو النفوذ السياسي، بل في السياسات الداخلية والخارجية التي توحي بأن أمريكا تسير على طريق الانهيار.
1- اقتصاد يترنح تحت وطأة الديون
الاقتصاد الأمريكي الذي طالما كان الأقوى عالميًا، يعاني اليوم من تضخم متزايد، وديون قياسية تجاوزت 34 تريليون دولار. ومع استمرار طباعة الأموال بلا غطاء، وارتفاع تكاليف المعيشة، يتزايد الشعور بعدم الاستقرار، خاصة مع الأزمات المصرفية التي تهدد النظام المالي برمته.
2- استقطاب داخلي حاد وانقسام مجتمعي
لم تكن أمريكا يومًا بهذا الانقسام السياسي والاجتماعي كما هو الحال اليوم. الاستقطاب الحاد بين الجمهوريين والديمقراطيين، والخلافات العميقة حول قضايا مثل الهجرة، حقوق السلاح، والهوية الجنسية، كلها عوامل تدفع البلاد نحو التفكك. حتى الديمقراطية الأمريكية لم تعد نموذجًا يُحتذى به، بل أصبحت ساحة لصراعات حزبية تعطل عمل المؤسسات.
3- السياسة الخارجية.. الفشل تلو الآخر
من حرب العراق و أفغانستان، إلى الانسحاب الفوضوي من كابول، ومن دعم الأنظمة القمعية إلى إشعال النزاعات العالمية، تبدو السياسة الخارجية الأمريكية وكأنها بلا رؤية. دعمها غير المشروط لبعض الحلفاء رغم انتهاكاتهم، وتدخلها الفاشل في شؤون الدول الأخرى، أضرّ بمكانتها الدولية وأثار استياء العديد من الشعوب وحتى حلفائها التقليديين.
4- صعود قوى بديلة وانحسار الهيمنة
لم تعد الولايات المتحدة القوة الوحيدة على الساحة، فالصين وروسيا تملآن الفراغ، سواء اقتصاديًا أو عسكريًا. التحالفات الجديدة مثل “بريكس” وصعود الدول النامية كلاعبين رئيسيين يهدد احتكار واشنطن للقرار العالمي، ويجعل النفوذ الأمريكي يتآكل بشكل غير مسبوق.
5- أزمة القيم والانحدار الثقافي
القيم التي قامت عليها أمريكا – الحرية، العدالة، الديمقراطية – باتت مجرد شعارات جوفاء. الرقابة على الرأي، قمع المعارضين تحت مسمى “الأمن القومي”، والانحدار الأخلاقي في الإعلام والفن، كلها مظاهر لدولة تفقد هويتها تدريجيًا.
ختامًا: هل أمريكا على وشك السقوط؟
ربما ليس اليوم أو غدًا، لكن المسار الذي تسلكه الولايات المتحدة يعكس دولة تعاني من الشيخوخة السياسية، والانهيار الاقتصادي، والاضطراب الاجتماعي. لا يعني ذلك انهيارًا مفاجئًا، لكنه يشير إلى نهاية عصر الهيمنة المطلقة، وبداية عالم متعدد الأقطاب حيث لم تعد أمريكا تفرض إرادتها كما اعتادت.
سقوط الإمبراطوريات ليس لحظة، بل عملية تستغرق عقودًا.. وأمريكا بدأت رحلتها نحو الهاوية.