أيها الراقدون تحت التراب.. من سيجيب النداء؟
كتب .يوسف أبو النجا
أيها الراقدون تحت التراب، هانئي الأرواح رغم الألم، شهداء العزة والكرامة.. من سيجيب النداء؟
أأنتم من ودّع الدنيا على وقع القنابل والغدر، أم نحن، من نتحصّن خلف الشاشات ونكتفي بالنظر والنحيب؟
شهداء غزة، أولئك الذين لم يُخيروا بين الحياة والموت، بل وُضعوا بين سندان التهجير ومطرقة الفناء الجهنمية، تحت سمع وبصر العالم بأسره، أمام مرأى حضارة تدّعي حقوق الإنسان وتتناسى إنسانيتنا في لحظة صمتٍ مريبة.
وما نحن؟
نمصمص الشفاه، نرفع الأكف بالدعاء، ثم نغلق الشاشات لنعود إلى موائدنا العامرة، وأحاديثنا الفارغة، وعالمنا المليء بالسطحية واللامبالاة.
أيكفيهم منّا الدعاء؟
أيُعقل أن نواسي المجازر بكلمة “حسبنا الله” ثم ننام مطمئنين، وقد غرق أطفال هناك في دمهم، وتحولت بيوت إلى رماد، وأحلام إلى قبور؟
إن لم يتحوّل الدعاء إلى فعل، وإن لم تتحوّل الغضبة إلى موقف، فنحن لا نختلف كثيرًا عن أولئك الصامتين المارقين على إنسانيتهم.
أيها الغافلون، ليست غزة قصة خبرية تنتهي بانتهاء البث، وليست مجرد نشرة ننتقل بعدها إلى مسلسل تافه أو وجبة دسمة. غزة دمٌ حيّ يسيل، ووجعٌ مستمر، وصرخةٌ تُمزق ضمائرنا كلما قررنا أن نصمت.
أيها المتخمون بالسكوت، أنصاف الصحوة، متى تستفيقون؟
هل تنتظرون أن تصل نيرانهم إلى بيوتكم؟ أم أن الموت في نشرة الأخبار بات مشهدًا معتادًا لا يوقظ حتى مشاعر التعاطف؟
شهداء غزة لا يريدون الشفقة، ولا ينتظرون منا رثاءً على وسائل التواصل. هم يريدوننا أن نكون ضميرًا حيًا، أن نكون صوتهم في زمن الصمت، أن نحمل حكاياتهم إلى العالم، أن نقاطع جلاديهم، أن نكتب، نرسم، نُعلم، نُربّي أبناءنا على أن في غزة رجالًا ونساءً علّمونا معنى الكرامة.
أيها الراقدون تحت التراب، طوبى لكم، فقد لبيتم النداء. أما نحن، فبين وجع العجز وخجل التخاذل.. لا زلنا نبحث عن إجابة.
لكننا نعدكم أن نفيق، أن نكتب أسماءكم على جدران الوعي، أن نحمل رسالتكم، ونناضل بالضوء في وجه الظلمة، حتى يأتي صباح لا تُقصف فيه البيوت، ولا يُولد فيه طفل ليكون شهيدًا قبل أن يتعلم النطق…